أهمية التعاون الأمنـي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي - محسن الندوي


أهمية التعاون الأمنـي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي

مجلة قانونك
أهمية التعاون الأمنـي بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي

أهمية التعاون الأمنـي
بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي

من إعداد: محسن الندوي
باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية[1]
كلية الحقوق طنجة/المغرب
 

تقديم
إن التعاون الأمني والعسكري الثنائي بين المغرب وعدد من دول الخليج يتطور منذ ثمانينيات القرن الماضي، فإضافة للتحالف والتقارب السياسي كان التعاون الأمني ومنذ نهاية السبعينيات وثيقا، فالمغرب شارك في القضاء على حركة جهيــنة نهاية السبعينيات بالسعودية وأرسل قوات لحفر الباطن بالسعودية 1990 بعد دخول العــــراق للكويت، وإنْ لم تشارك هذه القوات بالحرب، والخبراء الأمنيين المغـــاربة يتواجدون بكثافة في الإمارات، وبشكل رسمي، "حيث في الأسبوع الأول نوفمبر 2014 أعلن المغرب أنه سيزيد من الدعم الاستخباراتي والعسكري الذي يقدمه لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما يكثف من مشاركته في التحالف ضد ما يُسمى بـ تنظيم «الدولة الإسلامية».[2]
"ان تطورات الوضع العراقي السوري بعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام "الخلافة"، كشف عن تعاون عسكري متطور بين دول الخليج والمغرب حيث أوضحت تقارير أمريكية عن مرابطة طائرات عسكرية مغربية من نوع F16في دولة الإمارات العربية وان هذه الطائرات بدأت بمشاركة قوات التحالف الدولي هجماتها على مواقع تنظيم «داعش» في العراق وان هذا التعاون جاء بعد قبول المغرب طلب الإمارات العربية المتحدة لبعث وفود عسكرية للخليج وان حضور الملك محمد السادس لاستعراض عسكري بأبي ظبي يؤكد هذا التعاون العسكري وهو ما شجع على الاعتقاد بإمكانية ضم المغرب للحلف العسكري الخليجي الذي قررت قمة الدوحة تشكيله على غرار حلف الناتو دون أن يكون عضوا في مجلس التعاون الخليجي، والاكتفاء بمنحه وضعية الشريك الاستراتيجي."[3]
المطلب الأول: التعاون الأمني بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي
لقد عانت المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ من ظاهرة الإرهاب عبر وطني وزادت حدة المعاناة في العصر الحديث، حيث أصبحت ظاهرة عالمية، الأمر الذي يستلزم جهودا لاحتوائها والتصدي لها.
ومن الجهود التي أبانت عنها الجهود العربية لمحاربة الظاهرة، عقد مؤتمر دولي بالمملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب من 05 إلى 08 فبراير 2005 حضرته عديد من دول العالم والدول العربية وصدرت عنه توصيات[4].
وتتمثل مخاطر الإرهاب -غير الأمنية- في تهديده للاستقرار السياسي والهوية الوطنية والتماسك الاجتماعي.وثمة أسباب عدة تتطلب من دول مجلس التعاون الخليجي بناءَ وتكريسَ تحالفات إقليمية ودولية؛ بالنظر إلى ما لهذه التهديدات من سمات؛ أهمها:
§      الامتداد المكاني الجيوستراتيجي للتداعيات المباشرة وغير المباشرة لهذه التهديدات، وتخطيها الحدود الجغرافية للدولة الواحدة، إلى دول الجوار القريب والبعيد في آنٍ معًا.
§      الامتداد الزمني للتأثيرات المحتملة لهذه المخاطر، وتجاوزها الحاضر إلى المستقبل؛ مما يجعل كلفتها المالية والسياسية تتجاوز طاقة أي دولة منفردة، ويتطلب تكاتفًا وتعاونًا جماعيًّا للتغلب عليها.
وبالإضافة إلى الاتفاقيات التي تجمع دول الخليج بالعالم في إطار استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فهناك اتفاقيات تربط الأطراف الخليجية على الصعيد الإقليمي، حيث وقعت الدول العربية على "الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب" في القاهرة بتاريخ 22 أبريل 1998.
 كما أقرت دول مجلس التعاون الخليجي الاستراتيجية الأمنية لمكافحة التطرف المصحوب بالإرهاب في عام 2002، وأصدرت في العام ذاته إعلان مسقط بشأن مكافحة الإرهاب. ولقد توصلت دول المجلس في العام 2004م إلى التوقيع على اتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب والتي أتت في سياق اتفاقية أمنية أقرها مجلس التعاون الخليجي في القمة التي عقدت في الرياض 1987. كما تم في العام 2006 تشكيل لجنة أمنية دائمة مختصة بمكافحة الإرهاب تعقد اجتماعاتها بشكل دوري كإحدى اللجان الأمنية المتخصصة .
ولقد عكس تنظيم المملكة السعودية لمؤتمر مكافحة الإرهاب تلك الرغبة الأكيدة في محاصرة تلك الآفة، وإعطاء الانطباع لدى الدول الكبرى بأن العربية السعودية تعمل باتجاه الحملة الدولية بعدما اتهمت بأنها مصدرا من مصادره[5].
كما انضمت الدول الخليجية إلى معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي التي أقرها مؤتمر وزراء خارجية المنظمة في دورته السادسة والعشرين المنعقدة في بوركينافاسو في الفترة من 28 يونيو إلى 1 يوليوز 1999[6]. وفيما يخص الجهود العربية في هذا المجال فقد خلصت إلى إقرار الاستراتيجية الأمنية العربية التي اعتمدا مجلس وزراء الداخلية العرب في عام 1983، وقد نصت على ضرورة الحفاظ على أمن الوطن العربي وحمايته من محاولات الإرهاب والتخريب الموجه من الداخل والخارج.
وفي العام 1987 ظهرت للمرة الأولى فكرة إبرام "اتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب" في اجتماع وزراء الداخلية العرب، وبدأت أولى الخطوات العملية لإقرارها في مطلع التسعينات، إلا أن حرب الخليج الثانية التي اندلعت سنة 1990 نتيجة غزو العراق للكويت جمدت الجهود.
 وفي عام 1996 اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب مدونة قواعد سلوك تلتزم بموجبها الدول الأعضاء بالمجلس بعدم دعم الأعمال الإرهابية، والحيلولة دون استخدام أراضيها للتخطي لأعمال إرهابية وعدم توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، كما تتعهد بتضييق الخناق على العناصر الإرهابية ومنع تسللها عبر حدودها وإقامته على أراضيها، بالإضافة إلى تبادل المعلومات في مجال إجراءات التحري والقبض على الهاربين أو المحكومين عليهم في جرائم إرهابية.
وكان الملك  الراحل عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) الذي دعا إلى إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب في المؤتمر سنة 2005 تحت مظلة الأمم المتحدة، وقد أقرت الجمعية العامة ذلك في أواخر سبتمبر 2011، ويذكر أن السعودية تعرضت ما بين عامي 2003 و2006 لموجة من الهجمات التي شنتها تنظيم القاعدة استهدفت مقرات أمنية ومنشآت حكومية وأماكن سكن خاصة بالأجانب أوقعت العديد من القتلى، ويخضع المئات من الأشخاص للمحاكمة حاليا بتهمة التخطيط أو المشاركة في الهجمات.
إن تعاظم خطر الإرهاب؛ لاسيما مع الصعود السريع والمفاجئ لبعض التنظيمات المتطرفة إلى أن أصبحت تشكل تحديًا وجوديًّا للدولة الوطنية، وغدت مصدر تهديد لاستقرار دول المنطقة، داخليًّا وخارجيًّا؛ كتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميًّا بـ"داعش". يستوجب توحد الرؤى والمواقف العربية لوقف مده الخطير عربيا ودوليا.
وبناء عليه تستدعي هذه التهديدات والمخاطر من دول الخليج إعادة النظر في طبيعة تحالفاتها العسكرية القائمة والمحتملة، مع القوى العربية والإقليمية والدولية، إضافة إلى تعزيز التشاور والتنسيق والتعاون الخليجي-الخليجي في إطار منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقد انخرطت دول الخليج بالفعل في العديد من التحالفات الأمنية والسياسية والعسكرية من أجل التصدي لتلك المخاطر؛ وفي هذا الإطار كان انضمام دول مجلس التعاون للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، الذي أُعلن عنه لمواجهة تنظيم "داعش" في غشت 2013.
وقد نشط مجلس التعاون الخليجي في عدة اجتماعات من أجل "التضامن الخليجي" ومن أجل التحذير من مخاطر الإرهاب على المنطقة وعلى الغرب ذاته. وحذر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في 1/8/2014 في بيان مباشر الغرب من أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية والإرهاب في المنطقة سينتقل إلى عقر دارهم وأنه لابد من تحالف دولي ضده [7].
من جهة أخرى، يقوم المغرب، الذي يساير تشريعه الداخلي كلّ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، حيث عمل على إصدار قانون 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب في 28 ماي 2003 إلا أنه في تطبيق هذا القانون حصلت خروقات عديدة في حقوق الإنسان ودعت أكثر من جهة إلى تعديله ومنهم وزير العدل والحريات الحالي مصطفى الرميد الذي يقول عن القانون:
"كنت دائما أقول وما زلت أنه بعد إقرار قانون الإرهاب، وبعد التعديلات التي أدخلت عليه وبعد أن تبين فعلا أن هناك إرهابا في المغرب على الرغم من الخلاف حول حجمه وطريقة التعامل معه، إن المشكلة لا تكمن في قانون الإرهاب في حد ذاته وإنما تكمن في الحملات الأمنية التي شابتها تجاوزات خاصة بعد أحداث 16 ماي الإجرامية، يضاف إلى ذلك عدم الاحتياط اللازم والضروري دائما للآخر بضمانات المحاكمات العادلة"[8].
وقد تسبب ملف الإرهاب بشيء من الجفاء في العلاقات بين المملكة المغربية والعربية السعودية من صيف 2002. وبالضبط تاريخ إلقاء القبض بالمغرب على أعضاء ما عرف وقتها بقضية "الخلية النائمة" لتنظيم القاعدة الذي اتهم فيها موطنون سعوديون بالتخطيط للقيام بعمليات إرهابية في شمال المغرب ضد مصالح أمريكية. فالسلطات السعودية لم تستسغ الطريقة التي تصرفت بها نظيرتها المغربية في هذه القضية، أولا لعدم استشارتها في الموضوع وثانيا لتسويقها الإعلامي الكبير في وقت كانت هي عرضة للتضييق من قبل الأمريكيين منذ 11 سبتمبر، وهذا الإحساس هو ما ظلت السلطات السعودية فيما بعد تستحضره في كل حدث له صلة بالعلاقات مع المغرب[9].
وبقيت الأمور على ما هي عليه إلى حدود سنة 2005 تاريخ انعقاد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب في السعودية  - الذي أشرنا إليه – حيث شارك المغرب في المؤتمر وتبنى بحماس دعوة إنشاء "مركز دولي لمكافحة الإرهاب" بغرض تبادل المعلومات بشكل فوري من جهاز لآخر، والحيلولة دون وقوع أحداث إرهابية. فقد وجد المغرب في هذا الاقتراح ما يمكن وصفه بالتحول في المنهجية المعتمدة من طرف السعودية لمكافحة الإرهاب قربها أكثر من تلك المعتمدة في المغرب منذ تفكيك الخلية النائمة.
وفي بيان مشترك عقب ختام زيارة ملك السعودية للمغرب سنة 2007 جدد الطرفان إدانتهما للإرهاب بجميع أشكاله وصوره مما يمثله من تهديد للسلم والأمن الدوليين. كما جددا رفضهما ربط هذه الآفة الخطيرة بأي دين أو حضارة، وأكدا ضرورة إعلاء قيم التسامح نبذ الإرهاب والتطرف وشددا على أهمية مكافحة المجتمع الدولي للإرهاب، معربين عن التزامهما الراسخ لتطبيق المعاهدات والبروتوكولات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة[10].
وعموما فإن المغرب منخرط بشكل جدي ومسؤول في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لمكافحة هذه الظاهرة من خلال اللجان الثلاث التي أنشأها مجلس الأمن بموجب القرارات: 1267 (1999) و1373 (2001) و1540 (2004) المتعلقة على التوالي بوضع وتنفيذ عقوبات ضد طالبان والقاعدة، ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية. بالإضافة إلى الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب فقد اعتمد قانون يتعلق بدخول الأجانب وإقامتهم في المغرب والهجرة غير الشرعية. وقد تزامن تنفيذ هذا القانون مع إنشاء مرصد وطني وإنشاء مديرية للهجرة ومراقبة الحدود في وزارة الداخلية عام 1999.
وكتتويج لمجهوذات المغرب، خصصت اللجنة التنفيذية لفرع مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن (لجنة مكافحة الإرهاب) في أعقـــاب زيارتها للمغرب خلال الفترة من 14 إلى 18 مارس 2005 حيزا هاما في تقريرها للإشادة بالتزام المغــرب ومساهمته القيمة في الجهود الدولية ضد الإرهاب[11].
لقد طوّر المغرب في إطار حربه الاستبـــاقية على الخطر الإرهابي دينامية هامة مع شركاء له من مختلف دول المنطقة الإفــــريقية والعــــربية، وأيضا دول العالم، في التكـــوين وفي تقاسم المعلومات الاستـــخباراتية والتعاون العسكــــري واخص بالذكر هنا تعاون المغرب الاستـــخبارتي مع كل فرنسا بشأن الأحــــداث الارهابية التي عرفتها باريس بتاريخ 13/11/2015؛ ورغبة دول اوروبية أخرى منها بلجيكا حيث جـــاء في بيان لوزارة الداخلية المغربية، حســـب قناة سي ان الأمريكية "إن العاهل البلجيكي الملك فيليب اتصـــل هاتفيا بملك المغــــرب محمد السادس ليعبر له عــــن رغبة حكومة بلاده في "طلب مساعدة وثيقة ومتقدمة في مجال الأمن والمخابرات من المملكة المغربية"[12].
ان توطيد الرباط لعلاقاتها مع دول الخليج العربي في إطار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية /داعش، خاصة وأن المغرب يعدّ من البلدان المهددة على المدى الطويل من خطر هذا التنظيم، الذي ينشط في صفوفه أكثر من ألف مغربي."فحسب تقرير شامل لـمركز “سوفان غروب” للدراسات الاستراتيجية ومقره نيويورك – بعنوان (المقاتلين الأجانب في سوريا)، أشرف على تحضيره الدبلوماسي ورجل الاستخبارات البريطاني السابق “ريتشارد باريت”  فإن تونسيي الجنسية يتصدرون عدد المقاتلين الأجانب بـ 3000، يليهم السعوديون بـ 3 ألاف، ثم المغاربة بـ 1500، والجزائريون بـ 200 مقاتل"[13]
فتهديد "داعش"، فرض على المغرب، الذي ظلّ حجر عثرة أمام اكتمال اجتياح التنظيمات الجهادية للمنطقة الأفريقية، تكثيف الحصانة ضدّ هذا السرطان الذي نجح في التوالد، مستغلّا الظرف الأمني السيئ في بلدان الشمال الأفريقي والصراعات المتواصلة في الجنوب.هذه الحصانة تحدّثت عنها الباحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فيش ساكثيفل، في دراسة خصّت بها العلاقات بين المغرب ودول الخليج العربي والتعاون الشامل بينهما في إطار الحرب على الإرهاب، وحماية المغرب من خطره بانه البلد الوحيد الذي لم ينجح المتطرّفون في الوصول إليه، نظرا لأنه لم يكن ضمن منظومة ما بات يعرف بـ”الربيع العربي”، وحدوده محصّنة ضدّ أي هجوم محتمل. رغم أن المملكة المغربية شهدت هجمات إرهابية في فترات سبقت “الربيع العربي”، على غرار تفجيرات الدار البيضاء 2003.
تعد إيران قوة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط* وبفضل قدراتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية الكبيرة، إلى جانب إرثها الحضاري والإمبراطوري الذي لا يمكن إغفاله، وبفعل العوامل العديدة مثل تراجع أهمية الخطاب الإيديولوجي داخليا وخارجيا بعد وفاة الخميني، وانتهاء عصر الاستقطاب الدولي على خلفية انهيار الاتحاد السوفياتي، وتدشين ما يسمى "بمرحلة التحول من حالة الثورة إلى حالة الدولة" استبعدت إيران سياسة "تصدير الثورة" في تعاملها مع تطورات الإقليم، واستعاضت عنها بأدوات أخرى مثل تأسيس علاقات مع قوى عربية رئيسية على غرار سوريا بهدف إكساب تمددها في الإقليم غطاء عربيا، وفتح قنوات تواصل مع العديد من المنظمات مثل "حزب الله" اللبناني وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيين، فضلا عن استثمار الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها مجموعة من القوى الإقليمية والدولية لاسيما بعد بدء ما يسمى ب"الحرب الأمريكية على الإرهاب" التي انتهت باحتلال كل من أفغانستان والعراق، وذلك لدعم طموحها في أن تصبح رقما مهما في معظم الملفات إن لم يكن مجملها[14].
فإيران تحتل موقعا استراتيجيا بالخليج العربي، وهو ما يمكنها من التحكم بشريان الحياة الذي يغذي العالم الصناعي بعصب اقتصادي وهو النفط . لذلك بالنسبة لطهران من غير المحتمل أن تتناسى أن مضيق هرمز الذي تقف على رأسه تمر به ناقلة نفط كل عشر دقائق أي ما يساوي نحو 62% من موارد العالم النفطية و 90% من حاجات اليابان النفطية و22% من استهلاك الولايات المتحدة. ويؤكد البعض أن قدرة إيران على التحكم في مياه الخليج تتأتى من كونه المنفذ البحري الطبيعي الوحيد لدول الخليج[15].
أما توتر العلاقات بين إيران والدول الخليجية ليس بالأمر الجديد. فمنذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود شهدت العلاقات بين الجانبين مدا وجزرا وتقدما وتراجعا حسب ظروف المرحلة. وقد لعبت المتغيرات الإقليمية والدولية وكذلك الأوضاع الداخلية لدول الخليج وطموحات إيران السياسية في المنطقة دورا رئيسيا في تحديد طبيعة هذه العلاقات وانحصار رقعتها أو اتساعها، ففي ثمانينيات القرن الماضي وأثناء الحرب العراقية الإيرانية كانت الدولة الخليجية بفضل وجود العراق كقوة إقليمية رادعة بمأمن من "التهديدات الإيرانية" ومشروع تصدير الثورة.


[1] البريد الالكتروني : nadoui_mohcen@yahoo.fr

[2] ڤيش سكثيفيل: المغرب يوثّق علاقاته مع دول الخليج ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن يهمل تهديد الجهاديين العائدين، معهد واشنطن:

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysisv  -  3/11/2014

[3] جريدة القدس العربي اللندنية ،13/12/            2014
[4] موقع وزارة الخارجية السعودية على الأنترنت:
[5] تركي سعد عبد الله تركي: المملكة العربية السعودية ومحاربة الإرهاب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2005-2006، ص: 90.
[6] دراسة حول تشريعات مكافحة الإرهاب في دول الخليج العربية واليمن، منظمة الأمم المتحدة، المكتب المعني بالمخدرات والجريمة، ص: 05.
[7] تضمنت الكلمة التي ألقيت بالنيابة عن العاهل السعودي في 1/8/2014: التحذير من خطر الإرهاب والجماعات التي تمارسه باسم الدين، والتنبيه إلى المجازر الجماعية المرتكبة في فلسطين، وانتقاد عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع فكرة قيام المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، التي طرحتها السعودية في وقت مبكر. انظر: سعود الريس، "خمس رسائل من الملك عبد الله لأطراف متورطة في تمزيق العالم الإسلامي"، جريدة الحياة بتاريخ 02/08/2014
وأنظر أيضا: "خادم الحرمين: المتخاذلون سيكونون ضحايا الإرهاب"، الشرق الأوسط 2/8/2014. 
[8] مصطفى الرميد في حوار مع جريدة الرشق الأوسط يوم 10/02/2012 موقع وزارة العدل المغربي على الأنترنت:
www.justice.gov.ma  تاريخ الاطلاع يوم 07/09/2012 .
[9] التقرير الاستراتيجي المغربي،2006/2010 ، مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية الرباط ،منشورات -أبحاث، التقرير التاسع،ص: 194.
[10] انظر: جريدة الرياض، السعودية،  20مايو 2007م - العدد 14209، كما ان البيان منشور في موقع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية:
 http://www.consulat.ma/ar/
[11] موقع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية:
[12] موقع قناة  cnn  الامريكية:
 http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/11/24/belgium-morocco-cooperation-security
[13]جريدة القدس العربي اللندنية 29/06/2014
* الشرق الأوسط هي المنطقة الجغرافية الواقعة ما حول وشرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط. وتمتد إلى الخليج العربي
مصطلح "الشرق الأوسط" قد يكون تم صكه في عقد 1850 في مكتب الهند البريطاني ثم أصبح أكثر استعمالاً عندما استخدمه الاستراتيجي البحري الأمريكي ألفريد ثاير ماهان.
 أثناء ذلك الوقت، كانت الامبراطوريتان البريطانية والروسية تتصارعان على النفوذ في وسط آسيا, ذلك التنافس الذي صار معروفاً باسم اللعبة الكبرى
. استوعب ماهان ليس فقط الأهمية الاستراتيجية للمنطقة, بل أيضاً أن مركزها هو الخليج العربي. فقد أطلق على المنطقة المحيطة بالخليج العربي اسم "الشرق الأوسط",
وقد قال أنها بعد قناة السويس, هي أهم ممر يجب أن تسيطر عليه بريطانيا لتمنع الروس من التقدم نحو الهند وقد استخدم ماهان التعبير لأول مرة في مقاله "The Persian Gulf and International Relations," المنشور في سبتمبر 1902 في National Review, الدورية البريطانية.
[14] محمد عباس ناجي: "الانكماش، مستقبل الدور الإقليمي لإيران بعد الثورات العربية"، مجلة السياسة الدولية ، بتاريخ 08/09/2012. ص:51
[15] منصور حسن التعيبي: السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي (1979-2000)، مركز الخليج للأبحاث والدراسات، ص: 197.

من أجل تتمة المقال يرجى تحميله أسفله

من أجل تحميل هذا المقال كاملا -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك

من أجل تحميل العدد الرابع  - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث