دور القيادة الإدارية في رشادة الإدارة العمومية - ملال مختارية


دور القيادة الإدارية في رشادة الإدارة العمومية

مجلة قانونك
دور القيادة الإدارية في رشادة الإدارة العمومية

دور القيادة الإدارية في رشادة الإدارة العمومية

من إعداد: ملال مختارية
تخصص: دكتوراه سياسات عامة محلية
 كلية الحقوق والعلوم السياسية
 جامعة الدكتور مولاي الطاهر-سعيدة- الجزائر
 




الملخص:
   تسعى الإدارة العمومية المحلية لتحقيق الصالح العام وتوفير الخدمات العمومية ذات جودة تجعل من المواطن المحلي راضي عن الخدمات المقدمة. من هذا المنطلق  تعتبر الإدارات العمومية المحلية معنية أكثر بتطبيق مبادئ الحوكمة نظرا لاحتكاكها المباشر بالموطنين وذلك من أجل تحقيق كفاءة الإدارة وتعزيز الثقة بينها وبين المواطنين المحلين . ولتتميز الإدارة العمومية المحلية بالرشادة لابد من أن تكون هناك قيادة إدارية فعالة تساهم في تعزيز الحكم الراشد بناءا على سلطة ممنوحة  تجعله  يساهم في محاربة الفساد بكل أشكاله ،وتحقيق التشاركية في القرارات المحلية، ولذا فالقيادة هي جوهر العملية الإدارية وقلبها النابض والمسار الذي يؤدي إلى تعزيز مبادئ الحوكمة وتحقيقها.

الكلمات المفتاحية: القيادة الإدارية، الإدارة العمومية المحلية، الحكم الراشد، الشفافية، الخدمة العمومية.


مقدمة:
  منذ ثمانيات القرن العشرين أصبح الاهتمام من طرف المؤسسات والمنظمات سواء عامة أو خاصة منصبا حول تحسين وتطوير عملية اختيار كبار المسؤولين والمسيرين الإداريين مما يساهم بدور فعال في تحقيق الأهداف المسطرة ،فمن خلال القيادة الإدارية يمكن للمنظمة من تحقيق أهدافها. والعمل دائما على جعلها متلائمة مع التغيرات الحاصلة، حيث  شهد العالم منذ أواخر التسعينات تغييرات جوهرية، ارتبطت بالحكم الراشد كمفهوم جديد، دفع كل من الدول المتقدمة والنامية إلى إعادة النظر في فلسفة الحكم والإدارة وضرورة تبني مبادئ جديدة في تنفيذ السياسات التنموية العامة المختلفة لتحقيق التنمية الشاملة،
 ولقد صاحب هذا التنامي الإدراك  بدور  القيادات الإدارية باعتبارها أساس العملية الإدارية بعدما أظهرت عدة دراسات أن النجاح والإخفاق في  تحقيق الحوكمة بأبعادها المختلفة يتوقف بدرجة كبيرة على مدى رشادة الأسلوب الإداري (الحكم المحلي الجيد)،خاصة في ظل ظهور دعاوي الهيئات العالمية للدول النامية إلى إحداث تغييرات جوهرية في هياكلها السياسية الإدارية، والاهتمام بالعنصر البشري وتكوينه وتطويره باعتباره المسؤول عن  تحقيق  الحكم الراشد .
الإشكالية:إلى أي مدى تساهم القيادة الإدارية في  تعزيز وتفعيل مرتكزات الحوكمة في الإدارة العمومية المحلية ؟
محاور الدراسة:
§       المحور الأول: تحديد مفاهيم الدراسة.
§       المحور الثاني: البعد الإداري للحوكمة.
§       المحور الثالث:القيادة الإدارية كوسيلة لتفعيل الحوكمة 


المحور الأول:تحديد مفاهيم الدراسة
§       القيادة الإدارية:
"النشاط الذي يمارسه القائد الإداري في مجال اتخاذ القرار وإصدار الأوامر والإشراف الإداري على الآخرين باستخدام السلطة الرسمية وعن طريق التأثير يقصد تحقيق أهداف المنظمة فالقيادة تجمع في هذا المفهوم بين استخدام السلطة الرسمية من جهة وعملية التأثير على الآخرين في المنظمة من جهة أخرى وهذا في إطار تحقيق أهداف المنظمة."[1]
§       أهمية القيادة الإدارية:
تستمد القيادة أهميتها من العنصر البشري والتي أصبح محور الاهتمام في المنظمة واهم مورد من مواردها التي تساعد في تحقيق أهدافها، وعلى عكس المتغيرات الأخرى فتصرف الفرد من الصعب التحكم فيه والسيطرة عليه بسبب التغيرات المستمرة في مشاعره وأفكاره وعواطفه.
ولكي تضمن الاستفادة الكبرى من الكفاءات البشرية، لابد من وجود قيادات إدارية فعالة وقادرة على التأثير في سلوك الانفراد داخل المنظمة  ودفعهم لأداء مهامهم بكفاءة وفعالية.[2]
الإدارة العمومية المحلية: "هي مجموعة العمليات التي يتم من خلالها استخدام وتنظيم الوسائل المادية والبشرية لتحقيق أهداف عامة تتمثل في تقديم الخدمة العامة للمواطن المحلي وفقا للسياسة العامة للدولة".
§       مفهوم الحكم الراشد:Good Governance
لقد واجه هذا المفهوم اختلافا في ضبطه كمصطلح غربي وترجمته إلى اللغة العربية، حيث جاء بمفهوم إدارة الحكم، الإدارة المجتمعية، الحوكمة، الحكمانية، إدارة شؤون الحكم والعديد من المصطلحات .وتعددت تعاريفه فمنها:
عرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الحكم الراشد بأنه: "ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات، ويشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي من خلالها يعبر المواطنون والمجموعات عن مصالحهم ويمارسون حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم."
كما عرفه البنك الدولي عام الحكم الراشد بأنه: "الوسيلة التي يتم من خلالها ممارسة السلطة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية من أجل التنمية"، يعرف كذلك: "قدرة الحكومة في عملية الإدارة العامة بكفاءة وفاعلية بحيث تكون خاضعة للمسائلة ومشاركة المواطنين في النظام الديمقراطي للحكومة".
كما يعني : "قدرة الحكومة على تحقيق إدارة فعالة لتنفيذ السياسات اللازمة واحترام المواطنين في ظل وجود الرقابة الديمقراطية للمؤسسات"، عرف المشرع الحكم الراشد من خلال القانون التوجيهي رقم 06-06، المتضمن القانون التوجيهي من المدينة في مادته الثانية بأنه، الحكم الذي بموجبه تكون الإدارة مهتمة بانشغالات المواطن وتعمل  للمصلحة العامة في إطار الشفافية".[3]
ومن خلال هذه التعاريف نخلص إلى أن الحكم الراشد: هو استخدام السلطة السياسية والإدارية والاقتصادية   لتسير شؤون المجتمع  وتحقيق مصالحه وفقا لمبادئ الديمقراطية التشاركية لإضفاء الشفافية على السياسات العامة. في مختلف المجالات.
§      مؤشرات الحكم الراشد:
تتمثل مؤشرات الكم الراشد حسب الدراسات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في :
المشاركة ، ،الشفافية، حكم وسيادة القانون، حسن الاستجابة، التوافق، المساواة وخاصة في تكافئ الفرص، الكفاءة والفعالية، المساءلة والمحاسبة، الرؤية الاستراتيجية.
المحور الثاني: البعد الإداري للحوكمة    
يعتبر البعد الإداري من الأبعاد الأساسية للحكم الراشد إلى جانب البعد السياسي المتمثل في طبيعة السلطة السياسية وشرعيتها، والبعد الاقتصادي الاجتماعي، وكل هذه الأبعاد مترابطة فيما بينها لتحقيق الحكم الراشد. حيث لا يمكن للإرادة السياسية من تحقيق  الانجازات و إنجاح سياستها دون إدارة فاعلة تتولى مهمة عملية تنفيذ السياسات العامة وتطبيقها فعليا .
حيث يعني وجود جهاز إداري قوي وفعال يقوم بأداء الوظائف الإدارية المسندة إليه بصورة فعالة وبطريقة شفافة ويكون ذلك من خلال مجارية الفساد الإداري بكل صوره ومحاولة القضاء على المظاهر البيروقراطية، ووضع قيود وضوابط تحدد حقوق وواجبات الموظفين العموميين، إضافة إلى توفير فرص التدريب والتكوين من أجل زيادة الخبرة والجودة لدى المنفذين كما يتوجب من اجل تحقيق هذا البعد استقلال الإدارة عن السلطة السياسية والاقتصادية وذلك بعدم خضوعها للقانون دون الخضوع لاعتبارات أخرى، كما يقوم هذا البعد على ضرورة مشاركة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في وضع سياسة عامة من أجل التغلب على حالات عدم الإنصاف وتحفيز التكامل بين المجالين الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز المجتمع المدني والقطاع الخاص نحو القيام بمشاريع الأكثر ربحية .[4]
ومن هذا المنطلق فإن الاستراتيجية الحديثة للتكوين الإداري ترتكز على القيادة، والتي أصبحت شرطا من شروط نجاح أي إصلاح سواء على مستوى القطاع الخاص أو العام، كما يصفها أحد الباحثين في علم الإدارة أنها تعتبر محركا للتغيير والتنمية[5].
حيث أن الموظف القائد أصبح ذا أهمية أكثر من المسير أو المدير، بل عاملا رئيسيا في عملية الإبداع وإصلاح الإدارة العمومية. حتى تتحقق الرشادة في عمل الإدارة لابد من وجود نمط قيادي يتسم بالديمقراطية ،القيادة الديمقراطية ،والمشاركة وبشكل خاص تحديد أهداف الإدارة والإنتاجية التي يتوقع من المرؤوسين تحقيقها، وان إشراك الرؤساء والمرؤوسين معا في تحقيق أهداف الإدارة كشرط أساسي لنجاح عمل الإدارة.
وعليه فان المسئول الإداري الأعلى باعتباره القائد على مستوى الإدارة العمومية يحتاج إلى جملة من المهارات عليه امتلاكها وإتقانها حتى تصبح عملية القيادة الإدارية فعالة وناجحة:


[1] السيد عليوة: تنمية المهارات القيادية للمديرين الجدد، القاهرة: دار السماح ،2001، ص: 45.  
[2]  كامل المغربي وآخرون: أساسيات في علم الإدارة ،الطبعة الأولى، دار الفكر للنشر والتوزيع،1995، ص: 163-164.
[3]  الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية: القانون رقم 06-06،المتضمن القانون التوجيهي للمدينة، الجريدة الرسمية، العدد: 15
[4]  محمد غربي وآخرون: التحولات السياسية وإشكالية التنمية، الطبعة الأولى ،الجزائر: ابن النديم للنشر والتوزيع ،بيروت: دار الروافد الثقافية للنشر والتوزيع، سنة 2014، ص: 161.
[5] Simon Mamosi Lelo : La formation des fonctionnaires et le dévelopement des capacités de leadership en Afrique  Revue Idara –N° :27-2004- P: 83.

من أجل تتمة المقال - يرجى تحميله أسفله

من أجل تحميل هذا المقال كاملا -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك

من أجل تحميل العدد الرابع - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث