تقرير أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الإعدادي - علاء عمر عواد خلايله


تقرير أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص

 ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الإعدادي

 - دراسة على ضوء قانون المسطرة الجنائية المغربي والتشريع المقارن -

مجلة قانونك
تقرير أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الإعدادي

تقرير أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص
ضمانات المتهم في مرحلة التحقيق الإعدادي
- دراسة على ضوء قانون المسطرة الجنائية المغربي والتشريع المقارن -

من إعداد: علاء عمر عواد خلايله
 



نوقشت يوم 14 يوليوز 2017، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
 – جامعة محمد الأول – وجدة. تحت إشراف الأستاذ، الدكتور محمد الدكي.


لجنة المناقشة
الدكتور أوسامة عبد الرحمان
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق - وجدة
رئيسا
الدكتور محمد الدكي
أستاذ مؤهل بكلية الحقوق - وجدة
مشرفا
الدكتور الحاجي بناصر
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق - وجدة
عضوا
الدكتور أحمد العلالي
أستاذ مؤهل بكلية الحقوق – وجدة
عضوا
الدكتور المعزوز البكاي
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق - مكناس
عضوا

    

إذا كانت السياسة الجنائية في كل مكان وزمان تقتضي تجريم بعض الأفعال الضارة بمصلحة المجتمع، ووضع عقوبات تنزل في حق مرتكبيها، بهدف حفظ كيان هذا المجتمع وترسيخ الأمن والاستقرار بين أفراده، فإن العدالة الجنائية تفرض النظر إلى المتهم باعتباره إنسانا، له كرامته وشعوره وكيانه وشخصيته، وله الحق في حماية حقوقه وحرياته.
فالحقوق والحريات تشكل الدعامة الأساسية في الإجراءات الجنائية التي تسهر دولة القانون على حمايتها، وتستمد هذه الأخيرة مشروعيتها من: "مدى قدرتها على تحصين وحماية هذه الحقوق في مواجهة أجهزة العدالة الجنائية"[1].
ولا يتأتى ذلك إلا باحترام مبدأ الشرعية الجنائية بكافة حلقاته، والذي يحمل بين ثناياه عدم جواز الاعتداء على حقوق الإنسان وحرياته الشخصية من طرف مؤسسات العدالة الرسمية إلا بناء على مبرر قانوني.
لهذا سعت مختلف الأنظمة الإجرائية الجنائية إلى إقامة نوع من التوازن بين مصلحتين على طرفي نقيض، مصلحة المجتمع في البحث عن مرتكب الفعل الجرمي ومعاقبته، ومصلحة المتهم في حماية حقوقه وحريته الشخصية وحقه في محاكمة عادلة، ذلك أن نجاعة أي سياسة جنائية تقاس بحدود التوافق بين هاتين المصلحتين[2].
وعلى غرار التشريعات الإجرائية المقارنة جسد المشرع الإجرائي المغربي من خلال قانون المسطرة الجنائية[3] العديد من الآليات والمؤسسات القانونية، وكرس لمجموعة من المبادئ القانونية الكبرى، التي تعمل بالتكامل والانسجام في إطار الشرعية الإجرائية لتحقيق التكافؤ المنشود بين طرفي الدعوى العمومية.
 وتعتبر أهم هذه المؤسسات مؤسسة التحقيق الإعدادي التي تستمد جذورها من نظام التنقيب والتحري، هذا الأخير الذي حل محل نظام الاتهام قديما، ونقل الدعوى الجنائية من مرحلة الاتهام الفردي والمبارزات الكلامية، إلى مرحلة اختصاص الدولة بالاتهام عن طريق هيئة خاصة وهي النيابة العامة، كما أعطى القاضي دور إيجابي في الخصومة الجنائية يتمثل في البحث عن الأدلة وكشف الحقيقة، بعدما كان دوره سلبيا يقتصر على الاستماع لما يقدمه الأطراف من حجج وأدلة، دون إمكانية تدخله من تلقاء نفسه للبحث والتنقيب عنها[4].
وتشتغل مؤسسة التحقيق الإعدادي في مرحلة وسطى بين مرحلة البحث التمهيدي ومرحلة المحاكمة، وتهدف إلى "تمحيص الأدلة والتثبت من وقوع الجرائم والبت في وضعية المتهم بمتابعته بشأنها وإحالته على المحكمة أو عدم متابعته وحفظ القضية في حقه"[5]. وذلك بواسطة مجموعة من الإجراءات التي تمارسها سلطة قضائية مختصة، وفقا للضوابط والشروط والأوضاع المحددة قانونا.
وقد تبنى المشرع المغربي هذه المؤسسة في نظامه الإجرائي الجنائي، وآمن بدورها الفعال في تحقيق العدالة الجنائية منذ ظهير 10 فبراير 1959[6]، إلا أنها لم تعرف الثبات والاستقرار في هذا النظام، حيث كان نطاق إعمالها وتفعيلها كمؤسسة إجرائية يضيق ويتسع في كل مرة تتم فيها المراجعة التشريعية لقانون المسطرة الجنائية المغربي، بداية بالتعديلات التي جاء بها ظهير الإجراءات الانتقالية في 28 شتنبر 1974[7]، ومرورا بقانون المسطرة الجنائية رقم 22.01، ونهاية بصدور مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي.
ففي ظل ظهير 10 فبراير 1959 تبنى المشرع المغربي نظاما موسعا لتحديد نطاق مؤسسة التحقيق الإعدادي،كان يتسع ليشمل كل الجرائم، حيث كان التحقيق إلزاميا في الجنايات، فيما كان اختياريا في الجنح ما لم يوجد نص خاص يوجب التحقيق فيها، كما ويمتد للمخالفات إذا ارتأت النيابة العامة فائدة في ذلك[8].
  إلا أنه بصدور الظهير المتعلق بالإجراءات الانتقالية في 28 شتنبر 1974 عمل المشرع على تضييق نطاق التحقيق الإعدادي بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها توفير الجهد وسرعة البت في القضايا[9]، فلم يعد يشمل كل الجرائم، وإنما جعل التحقيق إلزاميا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن مدى الحياة و(الجنايات المرتكبة من قبل الأحداث)[10]، واختياريا في باقي الجنايات والجنح التي يسمح فيها نص خاص بإمكانية إجرائه، أما المخالفات والجنح التي لم يرد نص خاص بإجراء التحقيق فيها، فلم تعد هناك أية إمكانية تسمح بإخضاعها له على الإطلاق[11] الشيء الذي دفع الحقوقيون ينتقدون هذا التضييق ويطالبون بالعودة إلى ما كان عليه الحال في ظهير 1959[12]، خصوصا أنه أمام تنامي المطالبة بتحسين وتقرير حقوق الدفاع في تلك الفترة، لم يعد التحقيق الإعدادي كمالية قانونية، وإنما فرض نفسه وبقوة نظرا لما له من أهمية وجدوى تعود على حقوق وحريات الأفراد حتى لو كانوا مشبوها فيهم، "فالتضييق من نطاق التحقيق الإعدادي لن يوصف بغير كونه سلبا لحق المشبوه فيهم في الدفاع عن أنفسهم وبراءتهم - التي هي الأصل- بضمانات قضائية حقيقية ومتعددة"[13].
  وبالنظر إلى المادة 83 من قانون المسطرة الجنائية الحالي، نجد أن المشرع عاد ليتبنى نظاما متوازنا في تحديد نطاق التحقيق الإعدادي، فلم يجعله واسعا كما كان عليه الحال في ظهير 10 فبراير 1959، ولم يقلصه إلى الحد الذي أخذ به في ظهير 28 شتنبر 1974، وإنما وسع من هامش الجرائم التي يكون التحقيق فيها الزاميا، وفي هامش تلك التي يكون اللجوء للتحقيق فيها اختياريا[14]،
 حيث أنه جعل التحقيق الزاميا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد أو التي يصل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لها ثلاثين سنة، وفي الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث، والجنح المنصوص عليها بنص خاص، واختياريا في باقي الجنايات والجنح المرتكبة من طرف الأحداث والجنح التي يصل الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها 5 سنوات أو أكثر[15].
أما مسودة المشروع المعدل لقانون المسطرة الجنائية،  فقد جاءت بمقترح تعديل خطير في هذا السياق يقضي بالعودة إلى تضييق نطاق مؤسسة التحقيق الإعدادي، وهذا ما يستفاد من المادة 83[16] من المسودة والتي تجعل التحقيق اختياريا في الجنايات وبنص خاص في الجنح، وقد جاء هذا التعديل استجابة للتوصية رقم 85 الواردة في الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، والتي أقرت ضرورة جعل التحقيق اختياريا في الجنايات واستثنائيا بنص خاص في الجنح[17]، هذه التوصية التي تم إدراجها ضمن مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى "ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية"[18].

من أجل تتمة التقرير يرجى تحميله أسفله




من أجل تحميل هذا التقرير كاملا -  إضغط هناك - أو أسفله

قانونك


من أجل تحميل العدد الرابع - إضغط هنا أو أسفله على الصورة

مجلة قانونك - العدد الثالث